اطلعنا على قرار محكمة استئناف عمان في القضية رقم 3861/2009 تاريخ 18/3/2009 ( مطبوعات ) والذي تضمن بعدا قانونيا حديثا واجتهادا مميزا صدر عن هيئة استئنافية عالجت بكل دقة ووضوح مسألة هامه ظلت لمدة طويلة تؤرق من يمارس وظيفة رئيس تحرير في أي صحيفة .
هذا القرار من ضمن حالات التصدي النادرة التي يمارسها القضاء الاردني والذي يتمثل بضرورة امتناع القاضي عن تطبيق أي نص قانوني أو نظام اينما ورد اذا كان يخالف الدستور ، والجديد في هذا الامر انه سبق لمحكمة بداية جزاء عمان وفي القرار رقم 876/2002 فصل 20/10/2002 أن تصدت لنص المادة 42/ب التي اعتبرت رئيس التحرير فاعلا اصليا حيث امتنعت عن تطبيق نص المادة اعلاه وجاء في الفقرة الحكميه منه مايلي (( وعلى ضوء ما تقدم تقرر المحكمة الامتناع عن تطبيق نص المادة 42/ب من قانون المطبوعات وتعديلاته لتعارضه مع المادة 6 من الدستور )) والتي جاء فيها (( الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفو في العرق والدين )).
واستندت ايضا لنص المادة (103) من الدستوروكذلك القاعدة الفقهية (( المتهم بريء حتى تثبت ادانته)) ، وكذلك قرار المحكمة الدستورية المصرية رقم 59 لسنة 1997 الذي تضمن عدم دستورية النص القانوني المتضمن معاقبة رئيس التحرير .
هذا القرار تم فسخه من قبل محكمة الاستئناف بالقرار رقم 60/2003 تاريخ 17/3/2003 واستندت محكمة الاستئناف حينئذ الى أن---- قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 الذي الغى القانون رقم 10 لسنة 93 ---- جاء بناء على ما قرره مجلس الامه بشقيه واقترن بالارادة الملكية وذلك حسب المادة 31 من الدستور وقد اتبعت محكمة البداية الفسخ وسارت على هدي قرار محكمة الاستئناف .
اذا نحن أمام حالة غاية في الابداع القانوني والاجتهاد القضائي اذ أن ذلك يعد رجوعا عن قرار سابق لمحكمة الاستئناف .
أمام هذه الحقائق المأمول من باقي الجهات القضائية السير على هدي هذا القرار والمطلوب من الحكومة أن تقوم بتعديل قانون المطبوعات والنشر بإلغاء المادة 42/ب التي تتضمن الادانه المسبقة لرؤساء التحرير وبذلك يكون القضاء الاردني قد ارسى سابقه قانونية وقاعدة دستورية جديدة بشأن التصدي بالامتناع وهذا بحد ذاته يعتبر لبنه جديدة في البناء القضائي الراسخ وصولا الى انشاء محكمة دستورية مستقلة .
- الاسانيد القانونية للقرار
اولا : الدستور الاردني
- المادة 7 : الحرية الشخصية مصونه
- المادة 8 : لا يجوز أن يوقف احد أو يحبس إلا وفق احكام القانون
- المادة 101 : المحاكم مفتوحه للجميع ومصونه من التدخل في شؤنها
- المادة 102 : تمارس المحاكم النظامية حق القضاء على جميع الاشخاص في جميع المواد المدنية والتجارية
ثانيا : القواعد العامه : المتهم بريء حتى تثبت ادانته
لاعقوبة إلا بنص
ثالثا : قانون العقوبات :
- المادة 63 : النية هي ارادة ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون
- المادة 67: الدافع هو العله التي تحمل الفاعل على الفعل
من النصوص المتقدمة يتضح جليا أن رئيس التحرير ووفق احكام المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر هو متهم قبل صيرورة الفعل أو حدوثة أو دون علمه أو مشاهدته حتى اثناء غيابه عن ارض الوطن!!!!
لذلك فإن افتراض جريمه مكتمله لعناصرها المادية والمعنوية امر غاية في الخطورة وهذا الذي جاء المشرع به في قانون المطبوعات يخالف نص المادة 101 من الدستور الاردني المشار اليها ، وكذلك قانون استقلال القضاء رقم 15 لسنة 2001 المادة 3 والتي جاء فيها :(( القضاه مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون)) من هنا ندعو القضاه الاجلاء وعلى اختلاف مراكزهم أن يُفَعلِو احكام الدستور وان يمتنع القاضي عن تطبيق أي نص يخالف الدستور وفي هذا الامر تحقيق للعدالة المنشودة .
وهنا لا بد من الاشارة الى أن الكثير من المواد القانونية التي جاءت في بعض القوانين مخالفة للدستور، وعلى سبيل المثال لا الحصر قانون الاستملاك الذي سمح باقتطاع الربع القانوني مجانا من اية ارض يتم استملاكها من قبل جهة الاستملاك لغايات توسيع الطرق أو مشروع اسكان حكومي ، هذا النص ورد في المادة (11) من قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 87 المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 2003 مع أن الدستور الاردني وفي المادة 11 منه والتي جاء فيه :
(( لا يستملك ملك احد إلا للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل حسبما ينص في القانون )) .
هنا النص الدستوري واضح ولا اجتهاد فيه من عدم جواز استملاك ملك احد إلا بالتعويض العادل وللمنفعه العامه فمن اين اتى مشرعنا الكريم باقتطاع الربع من مساحة الارض المستملكه حتى لو كان الغرض منها اقتطاع لغايات الطرق أو الاسكان الحكومي(حيث اصبح المتداول والمعروف بالربع القانوني)
وهناك العديد من المواد التي وردت في بعض القوانين السارية المفعول والتي تخالف احكام الدستور الاردني و سأعمل على توضيح ذلك من خلال دراسة لاحقة .
وفي هذه المناسبة ندعو السادة الزملاء المحامين أن يثيرو هذه الدفوع لدى المحاكم وندعو القضاة للتصدي للحالات التي تخالف الدستور وذلك في ظل غياب محكمة دستورية ذات اختصاص وفي ظل دعوة جلالة الملك الى عدم حبس الصحفيين .
والله ولي التوفيق،،،
المحامي الدكتور
محمد سالم ملحم
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment