Sunday, 1 November 2009

التوقيع الالكتروني في القانون الاردني والتشريعات العربية والاوروبيه

لعل التقدم العلمي الهائل الذي اصاب العالم انعكس بشكل ايجابي على المعاملات الالكترونية وضرورة الاخذ بها كوسيلة متطورة وسريعه تعالج وتساير ركب الحضارة الذي اصبح العالم فيه قرية صغيرة وحيث أن التقنيات الحديثة الالكترونية ادخلت ضمن هذا المفهوم واصبحت التجارة الالكترونية الدولية جزء هاما من هذا المفهوم ويزيد الامر اهمية عندما نعرف ونعلم أن شبكة العلاقات الدولية التجارية بازياد واتساع .
لذلك لجأت التشريعات في كثير من دول العالم ولغايات مسايرة ركب الشجارة الدولية- الى سن القوانين والانظمة التي تنظم الحماية القانونية لمعاملات التجارة الالكترونية .
وحيث أن هذا البحث ينصب على مسألة التوقيع الالكتروني فإنه وقبل التعرض للتوقيع الالكتروني من حيث التعريف به وما هيته وخصائصه واثاره القانونية وصوره وكبديل للتوثيقات لا بد من الاشارة ولو بشكل موجز الى التشريعات الخاصة بالحماية القانونية للتجارة الالكترونية في بعض البلدان العربية والاوربية التي طبقت احكام التجارة الالكترونية و الحماية القانونية لها واخذت بموضوع التوقيع الالكتروني :
1- الولايات المتحدة الاميريكية - القوانين الفيدراليه والذي يهمنا منها القانون الموحد للمعاملات الالكترونية (UETA) لعام 2000 والذي يستند الى قانون الاونيسيرال النموذجي لعام 96 وكذلك قانون التوقيعات الالكترونية لعام 2000
2- بريطانيا – قانون حماية البيانات لسنة 98 وقانون الاتصالات الالكترونية لسنة 2000 .
3- فرنسا –العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الالكترونية وقانون المعاملات الالترونية الفرنسي لسنة 2000 ويهدف هذا القانون الى تطوير قانون الاثبات ليتوافق مع تكنولوجيا المعلومات والتوقيع الالكتروني
4- تونس- قانون المبادلات والتجارة الالكترونية التونسي رقم 83 لسنة 2000 واهم ما جاء فيه تنظيما لاحكام التوقيعات الالترونية والامضاء الالكتروني .
5- قانون منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية والاعلام رقم 1 لسنة 2000 ويهدف هذا القانون الى جعل منطقة دبي مركزا للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية
6- الامارات - قانون المعاملا والتجارة الالكترونية رقم 2 لسنة 2002 ونظم هذا القانون الية التعاقد الالكتروني بالاستناد الى المراسلات والكتابة والتوقيع الالكتروني .
7- قانون المعاملات الالكترونية الاردني لسنة 2001 وكما سيتم بيانه انه من اهم القوانين العربية
8- قانون المعاملات الالكتروني البحريني لسنة 2002 والذي استمد احكامة من قانون الاونسيسترال النموذجي الاميريكي لعام 96 الذي سبق الاشارة اليه
9- قانون التوقيع الالكتروني المصري رقم 15 لسنة 2004 والذي تضمن تنظيما هاما للتوقيعات الالكترونية وعرفه بانه ما يوضع على محرر الكتروني من رموز وحروف وارقام واشارات .

وقد عرف قانون المعاملات الالكترونية الاردني رقم 85 لسنة 2001 التوقيع الالكتروني ((بانه البيانات التي تتخذ هيئة حروف او ارقام او رموز او اشارات او غيرها وتكون مدرجة بشكل الكتروني او رقمي أو ضوئي او اية وسيلة اخرى مماثلة في رسالة معلومات او مضافة عليها او مرتبطة بها ولها طابع يسمح تجديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزة عن غيرة من اجل توقيعه ويفرض الموافقة على مضمونة)) وقد اخذت معظم التشريعات المشار اليها بهذا التعريف او قريبا منه وبالرجوع الى قانون البينات الاردني 30 لسنة 1952 وتعديلاته بالقانون رقم 64 لسنة 61 والمعدل وبالقانون رقم 16 لسنة 2005 .
فإن المادة (10) حددت ان السند العادي ((هو الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه او على خاتمه او بصمه اصبعه وليست له صفة السند الرسمي)) .
واكدت المادة 11 من نفس القانون على انه ((من احتج عليه بسند عادي وكان لا يريد ان يعترف به وجب عليه ان ينكر صراحه ما هو منسوب اليه من خط او توقيع او خاتمه او بصمة اصبع والا فهو حجه عليه بما فيه))

وبنفس القدر اخذ المشرع المصري في تحديد هوية الشخص في المادة 4/1 على انه يعتبر المحرر العرفي صادر عن موقعه ما لم ينكر صراحه ما هو منسوب اليه من خط او امضاء او ختم او بصمه وايضا اكدت محكمة التمييز الاردنية ومحكمة النقض المصرية ذلك بقرارات عديدة واصبح الاجتهاد القضائي مستقرا في هذا الامر .

ويعتبر قانون المعاملات الالكترونية الاردني من القوانين المهمه التي عالجت العديد من القضايا ذات الصلة بالتجارة الالكترونية او اخذت بمبدا المعادل الوظيفي ويتضمن بأن الوثيقه الالكترونية معادل وظيفي للتوقيع الخطي والتوقيع الالكتروني مكافئ او معادل للتوقيع الخطي والسجلات الالكترونية تقوم مقام السجل الخطي من اجل الاحتفاظ بالمستند للتوثيق والتدقيق والاثبات وهذا ما اكدته المادة 30 من قانون المعاملات الالكترونية المشار اليه علما ان مجلس الوزارء للآن لم يصدر الانظمة اللازمة لتنفيذ احكام هذا القانون حسب المادة 40 من القانون .
وبالرجوع الى قانون البينات الاردني رقم 30 لسنة 52 وتعديلاته المشار اليها وفي المادة 13 / 1 و2 و3 /أ والتي جاء فيها (( تكون لرسائل الفاكس والتلكس والبريد الالكتروني قوة السندات العادية في الاثبات وتكون رسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل والمرسل اليه حجه على كل منهما ))
من هنا يعتبر القانون الاردني من اهم التشريعات العربية التي عالجت اساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الالكترونية وعطفا على ما سبق الاشاره اليه فإنه سيتم تناول التوقيع الالكتروني من خلال الحقائق التالية :
أولا : التعريف بالتوقيع الالكتروني
ثانيا : صور التوقيع الالكتروني
ثالثا : الاثر القانون واهمية التوقيع الالكتروني

وحتى نصل الى تعريف التوقيع الالكتروني فإننا نتعرض قبل ذلك الى التوقيع التقليدي .
اولا : تعريق التوقيع :
والذي يعرف بانه علامه او اشارة تميز شخصية الموقع ، وتعبر عن ارداته في الالتزام بمضمون السند الموقع واقراره له .

والملاحظ انه معظم القوانين الوطنية تتبنى المبدأالواقعي بأن أي علاقة او اشارة ستكون كافية للاثبات .

- الخصائص المميزة للتوقيع الخطي :
يتميز التوقيع الخطي بأدائه العديد من الوظائف القانونية الاساسية واهمها :
1) تحديد هوية الشخص
2) نسبة المستند الى الموقع
3) الموافقة : ان وجود التوقيع التقليدي على مستند معين ، انما يدل على قبول الشخص صاحب التوقيع على المحتوى الذي تضمنه هذا المستند ، ويمكننا القول بان وظائف التوقيع تؤدي الى التحقق من الشخص الموقع فإذا انكر الشخص توقيع المستند عندئذ سيقع على الطرف الاخر عبء او مسؤولية اثبات نسبة التوقيع الى ذلك الشخص
ثانيا : صور التوقيع الالكتروني
يسمح مجتمع المعلومات الحديث بالتقنيات التي يمتلكها ان يرفق او يلحق توقيعا الكترونيا باي مستند مسجل الكترونيا .
ومنذ فترة قريبه فإن الطريقه الوحيدة الفعاله للتحقق من هوية المتصل على شبكة الانترنت تضمنت استعمال تقنيات تعتمد على زوج من المفاتيح الا متناظرة وقد اصطلح على تسميتها ( توقيع رقمي ) Digital Signature .

أـ التوقيع الرقمي كاداة لتسير المعاملات المصرفية الالكترونية
ب- البطاقة المغناطيسية ( Magnetic Cards ) :
بطاقة الشريط المغناطيسية ليست بالضبط الاداة التقنية المتقدمة في الوقت الحاضر بيد انها لا تزال تلعب دورا هاما ومركزيا في الملايين من الصفقات التجارية الالكترونية اليومية .
ج- البطاقة الذكية ( Smart cards ) :
البطاقات الذكية المألوفة تشبه بطاقات الصرف الالي ذات الشريط المغناطيسي العادي ، بيد انه يحتوي وبشكل رائع على كمية كبيرة من المعلومات التي تتضمنها كل بطاقة ويتم معالجتها بشكل دقيق وتكاملي ويمكن لها ان تخزن تقريبا أي معلومات ، مثل :
- معلومات عن البطاقة الشخصية لحاملها ، كتاريخ الميلاد والعنوان والاقرباء
- معلومات طبية ، مثل فصيلة الدم او معلومات عن مرض السكر .
- بيانات عن الحسابات المصرفية .

د- التواقيع الرقيمة لتوثيق معاملات التجارة الالكترونية :
يعتمد التوقيع الرقمي على تقنية التشفير بالمفتاح العام (PKC) بإستخدام العلاقات الرياضية التطبيقية التي تقوم بتحويل الرسائل الالكترونية الى صيغة تبدو غير مفهومه وترسل الرسالة الى المستلم المقصود ومن ثم يقوم المستلم باعادتها الى صيغتها الاصلية ولقد وضع فكرة التواقيع الرقمية الاستاذان ( Whitfield Diffie . Hellman Martin ) حيث قدما مفهوم التواقيع الرقيمة في عام 1975 ( في معهد ماساشو سيتس (MIT ) )وتحول الى نظام يعمل في السنة التالية .
هـ - اللوغاريتمات المنفصلة والاقواس الاهليليجيه :
تقوم الفكرة على استعمال المشاكل الرياضية الصعبه الاخرى لتطبيقها على انظمة زوج المفاتيح غير المتناظرة ففي آيار من عام 1994 اصدر المعهد الوطني الامريكي للمعايير والتقنية معيار التوقيع الرقمي وتبنت الحكومة الامريكية خوارزمية التوقيع الرقمية وفقا لهذا المعيار التي تستند على مشكلة ايجاد العلاقة بين اثنان من عناصر كيان رياضي ضمن مجموعة ، هذه المشكلة معروفة باللوغريتم المنفصل وهذه الانظمة يمكن ايضا ان تستبدل بالعمليات على منحى اهليلجي .
وبالنتيجة ، فإن التوقيع الرقمي ليس له علاقة بالموقع او بإسمه او بتوقيع مكتوب يدويا بطريقه ما انما هو توقيع رقمي مجرد وان أي توقيع رقمي لا يمكن ان يشابه أي توقيع رقمي آخر .

كذلك يمكن استعمال التواقيع الالكترونية كبدائل تقنية للتوقيعات الرقمية حيث ان المفهوم الواسع للتوقيع الالكتروني لا يعتمد على طريقة التشفير ، بدلا من ذلك في غالب الاحيان هناك حلول اساسها الانظمة البيومترية التي تعتمد على خصائص حيوية للافراد ( مثل بصمة الاصبع ) وتسمى هذه التقنيات الجديدة للتحقق بالتوقيعات البيومترية ونجد ايضا ايضا التوقيع بالقلم الالكتروني ويشمل ذلك التواقيع البيومترية وبصمة الاصبع اما البيو مترية (Biomeetrics) ( القياسات الحيوية ) كلمة استعملت لتلك الوسائل التي ارتبطت مباشرة بالصفات المميزة والخواص الفيزيائية والطبيعه والسلوكية للانسان التي تختلف من شخص لآخر .
وتعتبر بصمات الاصابع الاداة المميزة لأي شخص حيث ان الطبيعه الفريدة لبصمات اصابع الشخص تجعل التوقيع بواسطتها يبدو طبيعيا وان استخدمت لذلك عدة برامج وتقنيات الكترونية .
واخيرا ما هو الاثر القانوني للتوقيع الالكتروني ( Electronic Signature) كما تبين أن هناك العديد من الوسائل التقنية في الوقت الحاضر التي تسمح للوثائق الالكترونية بان توقع وتتضمن هذه التقنيات توقيعات وتقنيات بديله وتعتبر التوقيعات الرقمية الاكثر استعمالا حيث تعتمد على تقنية التشفير اللامتناظر وعليه يمكن اجمال الاثر القانوني واهمية التوقيع الالكتروني بمايلي :
1) اصبح من الممكن توقيع كل انواع السجلات الالكترونية والملفات التي تتضمن البيانات المخزنة الكترونيا على الحاسوب .
2) ويمكن ان تؤدي نفس التقنيات وظائف اضافية في مجال التجارة الالكترونية مستمدة من وظائف التوقيع ولكن لا يوجد لها نظير على وجه الدقة في البيئة الورقية .
3) التعريف بالشخص كمؤلف للرسالة ، أو الموافقة على عقد ما او وقد يختم الشخص الرسالة بقول هذه هي الرسالة التي استلمت فاذا ارسلت لك ( الخطاب موجه الى المرسل اليه ) الرسالة وانت قمت باعادتها الي فإن تطابقت النسختان عنئذ يمكننا ان نعرف بان تلك الرسالة التي ارسلت صحيحة ولم تتعرض لاي تغيير او تزوير.
4) تعترف المادة (102) (ب ) من قانون (UCITA) بان أي من هذه الاحتمالات ( السابق ذكرها) ممكن لتصديق رسالة البيانات الالكترونية كتوقيع للرسالة اذا لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك .
5) يستخدم قانون ( UETA) عبارة التوقيع الالكتروني بدلا من التصديق لذلك فقد جاءت المادة (102) (8) بتعريف التوقيع الالكتروني بأنه صوت الكتروني او رمز او عملية مضافة اليها او مرتبطه منطقيا بسجل الكتروني والمنفذ او المتنبي من قبل شخص يقصد توقيع السجل الالكتروني .
6) اهتم قانون الاونسيترال النموذجي بشان التوقيعات الالكترونية لعام 2001 بالوسائل التقنية التي ينتج عنها التوقيع الالكتروني باعتباره نظيرا وظيفيا للتوقيع الخطي .
7) ان مبدا النظير الوظيفي هو احد المعالم الرئيسية لقانون الاونسيترال النموذجي بشأن التجارة الالكترونية والمنصوص عليه في المادة السابعه من القانون النموذجي للتجارة الالكترونية .
8) الإعتراف بالتوقيع الالكتروني باعتباره نظيرا وظيفيا للتوقيع الخطي ( ويسري ايضا على التكافؤ بين السجلات الالكترونية والمستندات الورقية ويمتد الى المساواة بين الكتابة الخطية والالكترونية )
9) وعليه ان ما يوضع على محرر الكتروني ويتخذ شكل حروف أو ارقام او رموز أو اشارت او غيرها ويكون له طابع منفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره.

واخيرا لا بد من الاشارة الى ان موضوع التجارة الالكترونية والعقود والاحكام القانونية التي يرتبها كل قانون ما هو الا انسجام في الاراء القانونية بين معظم دول العالم التي اخذت بهذا المبدا في وقت مبكر .

وقبل ان نختم هذه الدراسة نود الاشاره الى ان الفقه الاردني لم يتعرض لهذا الامر حتى نشير الى مختلف الاراء الفقهية ايضا فإن محكمة التمييز الاردني وفي شان التوقيع الالكتروني لم اجد اية قرارات في هذا الامر حتى نستنير برأي القضاء واجتهادته وهنا لا بد من معذرة الفقة والقضاء لحداثة التشريع اولا ولقلة القضايا التي عرضت على القضاء في هذا الأمر.
آملين ان نتواصل في دراسات لاحقه حول الحماية القانونية لتجارة الالكترونية.
والله وراء القصد .
المحامي الدكتور محمد سالم ملحم
Mmelhem_2000@yahoo.com

No comments:

Post a Comment